مسلسل المرآة السوداء هو إحدى الأعمال الأصلية لشبكة نتفليكس وينتمي إلى نمط من المسلسلات الغريبة والفريدة من نوعها، كل حلقة من الحلقات تروي قصة مستقلة عن الأخرى، تتميز القصص التي ترويها بلاك ميرر بالإثارة والسخرية والتحفز، تم إنشاء المسلسل كنسخة معاصرة من مسلسل The Twilight Zone، الذي يُعدّ كلاسيكي في عالم الخيال العلمي في فترات الخمسينات والستينات.
توجه Black Mirror في توقعاتها وملاحظاتها حول البشر مشابه لسابقتها، ولكن بلاك ميرر يضع التركيز بشكل أكبر على التكنولوجيا في حياة الإنسان.
حقق مسلسل بلاك ميرر شعبية جماهيرية، حيث يتابع المشاهدين كل حلقة على نحو مشوق ومن ثم يناقشون الأفكار والنظريات عبر الإنترنت، يتحدى هذا المسلسل الطريقة التي ننظر بها إلى التكنولوجيا ويظهر أن التطورات التكنولوجية ليست دائمًا الخطوة الإيجابية التي نعتبرها.
وبما أن المسلسل يُعد في إطار الحاضر أو المستقبل القريب جدًا، فإنه قد يكون مزعجًا جدًّا للمشاهدة، حيث تؤدي التكنولوجيا في Black Mirror دائمًا إلى نتائج عكسية على صانعيها ومستخدميها، كما أن طريقة استعراض بلاك ميرر للاخفاقات التكنولوجية تصبح مُخِّيفة عندما تتحقق توقعاتهم التكنولوجية، والأمر الذي حدث بشكل أكثر تكرارًا مما يُعتقد. فيما يلي بعض توقعات مسلسل المرآة السوداء التي تتحقق..
الجميع يقوم بالتصوير
حلقة “White Bear” من مسلسل Black Mirror تروي قصة امرأة تستيقظ دون أن تكون متأكدة من المكان الذي توجد فيه ومشتتة بسبب عدم انتباه أي شخص لها وعدم استعداد أحد لرفع رأسه عن هاتفه للاعتراف بها، تتعرض حياتها للإرهاب طوال الحلقة ولا يُقاطِع أحدهم التصوير لمساعدتها، وخلال سير الحلقة، يُكشَف أنها قاتلة أطفال مُدانة وأن الأحداث تجري في White Bear Justice Park، مكان يمكن للأشخاص زيارته لمشاهدة المجرمين وتعذيبهم نفسيًّا بسبب جرائمهم.
حقيقة هذه الحلقة ليست في أن أمريكا تخطط لتعذيب نفسي لقتلة الأطفال، وإنما هي في ردود فعل الناس في White Bear Justice Park. بغض النظر عما يحدث اليوم، سواء كان حدثًا كبيرًا أو صغيرًا، يبدو أن شخصًا ما دائمًا يسجل ومشغول بهاتفه بدلاً من مشاهدة الحياة في الوقت الحالي.
تم تسجيل أحداث لا يُصَدَّق حدوثها لأن شخصًا ما قام بتسجيله بالهاتف في المكان المناسب وفي التوقيت المناسب، ولكن من المفترض ألا يكون شيئًا غريبًا من أن هناك شخصًا يُسجِّل دائمًا لأن هذه هي الحياة. تُعَبر هذه الحلقة أيضًا عن فكرة أنه إذا رأى شخصًا مشهدًا مروعًا يحدث، فمن المرجح أن يستخرج هاتفه ويبدأ التسجيل بدلاً من التدخل، وإذا تدخل فإنه يصور ذلك على الإنترنت.
نظام التقييم الإجتماعي
حلقة “Nosedive” كانت تشعرنا بالغرابة عند صدورها في عام 2016، ولكنها أصبحت أكثر غرابة مع الوقت. في هذه الحلقة، يُقيِّم الناس بعضهم البعض بين نجمة واحدة وخمس نجوم استنادًا إلى تفاعلاتهم. تصبح هذه التقييمات نوعا ما مثل العملة، حيث تؤثر على الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأشخاص المُصَنَّفِين بشكل مختلف، من حصول الأشخاص ذوي التقييمات الأعلى على خصومات في شقق السكن إلى عدم أهلية بعض الأشخاص المُصَنَّفِين سيئًا لتلقي العلاج الطبي.
البطلة في هذه الحلقة هي لاسي التي تسعى جاهدة لرفع تصنيفها وهي في طريقها إلى حضور حفل زفاف ذو مكانة رفيعة والذي سيرفع تصنيفها. تظهر بعض المشاكل غير المتوقعة في الطريق وتتصرف بشكل سئ، مما يؤدي إلى انخفاض تصنيفها وثباتها النفسي حتى تنخفض تقييماتها أدنى من نجمة وتُسجَن، ثم تزيل زرع العيون لديها، وتتحرر لتكون مثلما تشاء الآن دون الإعتماد على التصنيفات..
الحقيقة الأساسية في هذه الحلقة هي أن وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر سلبًا على الصحة العقلية للشباب. إذ يشعر الأشخاص بالسعادة والفرح عندما يتم تفضيل منشور لهم على إنستغرام أو عند انتشار فيديو على تيك توك لهم، ولكن إذا تجاهل المنشور فيصبح لديهم شعور سيء. إدمان المقارنات على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر أيضًا في رؤية آخرين بحياة “مثالية” والشعور بالفشل إذا لم تكُن لديك رحلات فارهة أو آخر صيحات الموضة.
إحدى الحقائق المخيفة في هذه الحلقة هي أن الصين قامت باختبار نظام مماثل يُدعى نظام التصنيف الاجتماعي حيث يتم تصنيف الأفراد. فأولئك الذين يحصلون على درجات منخفضة لن يكونوا مؤهلين لأي مساعدة حكومية مثل الدعم المالي والقروض. حتى بدون نظام تصنيف محدد، يعاني الكثير من الأشخاص من آثار الوضع الاجتماعي والقوة التي تساعدهم في التقدم في الحياة. فالأشخاص ذوي الرتبة الاجتماعية المرتفعة يحظون بالأولوية في الحياة، بينما لا ينال الأخرين تلك الأهمية.
موصل البيتزا الذاتي
في حلقة “Crocodile”، توجد تكنولوجيا تسمح للناس برؤية ذكريات الآخرين من وجهة نظرهم، دون أي تحايل أو تشويه للذاكرة. يقوم هذا الجهاز بقراءة الذكريات كما لو كانت عيونهم كاميرات فيديو، ولا يستطيع المشاركون أن يكذبوا لتغلب على التكنولوجيا. قد يكون اعتماد هذه التقنية على نطاق واسع مفيد جدًّا في حالة فقدان المفاتيح أو في قضايا المحاكم.
اقرأ ايضًا: أسباب فشل مسلسل ذا ايدول لا تُعد واليكم أبرزها
التكنولوجيا التي جاءت من هذه الحلقة، يشهد أحد الشخصيات شاحِنَة تسلِّم البيتزا ذاتية القِیادَة وهى تصدُْمُ شخصًا من خارج نافذتَھَا. في عام 2021، قامت شركة دومينوز بإطلاق خدمة تسليم البيتزا ذاتية القيادة تشبه حلقات Black Mirror، ولكن بدون التصادم مع المشاة. هناك تطورات أخرى في سيارات القيادة ذاتية الحركة في السنوات الأخيرة، بما في ذلك سيارات أوبر ذاتية القيادة والقدرة على القيادة بدون سائق لشركة تسلا على الطُرُقَ السَّرِیعَة والسيارات التي تصف نفسها تلقائِیًّا..
الطاقة المولدة من البشر
تدور أحداث حلقة “Fifteen Million Merits” في مجتمع حيث يقوم البشر بتوليد طاقة للمجتمع من خلال ركوب الدراجات الثابتة ويربحون أجورهم من خلال ذلك، يستطيعون شراء فرصة المشاركة في عرض المواهب حيث يمكنهم الفوز بحياة أفضل لأنفسهم، ولكن معظمهم محصورون في توليد الطاقة بدلاً من تحقيق مستقبلٍ واعد، حرفيًا.
على المستوى الأول، قد يُعَتَبَرُ الجانب الساخر في هذه الحلقة هو فكرة أن التفوق في جانب أو آخر قد يكون المخرج الوحيد من وضع سئ، وعلى الرغم من صِحّةِ ذلك، إلا أن الأمور تاخذ منحنيًا مختلفًا، في جامعة MIT، كان علماء يطورون تقنية قابلة لارتداء تسمح للأشخاص بتوليد طاقتهم الخاصة. هناك أيضًا سجن في البرازيل يسمح لبعض السجناء بتوليد الطاقة عن طريق ركوب الدراجات الثابتة وفي المقابل تحصل على تخفيض في مدة حكمهم.
في نفس الحلقة “Fifteen Million Merits”، يقوم المواطنون بركوب الدراجات لكسب قوتهم وعملة رقمية تُسَمّى “merits”. يستخدمونها لدفع ثمن سكنهم، وأيضًا لشراء الطعام والترفيه. يقضون حياتهم كلها أمام الشاشات، منذ الاستيقاظ حتى النوم. يستطيعون استخدام العملات التي يحصلون عليها للحصول على مزيد من الحرية في اختيار ما يشاهدونه، كما يمكنهم تخطي إعلانات الترويج، وشراء تذاكر لعرض المواهب، أي إن استخدام هذه العُمْلَة ضروري للبقاء.
ألعاب Freemium تشابه ذلك بشكل غير متوقَّع. في هذا النوع من ألعاب الفيديو، يجب على اللاعبين أن يكون لديهم وظيفة داخل اللعبة تكون مملة ومستمرة بهدف كسب المال الافتراضي في اللعبة. هذا المال ضروري للاعبين في اللعبة بنفس الطريقة التي هو ضروري للأشخاص في تلك الحلقة، ومما يُثير الدهشة أنه بعد صدور الحلقة، ازداد انتشار ألعاب Freemium وأصبحت شائعة بشكل أكبر.
ثقافة الإلغاء
حلقة “Hated in the Nation” تركز على اثنين من المحققين وهما يحاولان حل سلسلة غامضة من الوفيات. الشيء الوحيد الذي يجمع بين جميع الضحايا هو مدى كراهية المستخدمين لهم على وسائل التواصل الاجتماعي قبيل وفاتهم. يتبيَّن في نهاية المطاف أن مجموعة من المستخدمين عبر تويتر يصوتون لتحديد من يستحق الموت باستخدام وسم “#Deathto”. بعد اختيار أكثر ضحية مُكروَهة، تقوم حشرات الطيران ذاتية التشغيل (ADIs) بالإعدام بلسعة قاتلة.
في هذه الحلقة، تُطَوِّرُ ADIs في البداية لتعديل انقراض النحل تجنبًا لكارثة بيئية. ومع ذلك، يتم استخدامها أيضًا لمراقبة المواطنين، لذلك عند اختراقها لاستخدامها في حركة “#Deathto”، تحاول السلطات إلغاء تنشيطها، مما يؤدي إلى خلل يتسبب في قتل ADIs لجميع من استخدموا وسم الهاشتاغ “#Deathto”.
اقرأ ايضًا: ما هي ثقافة الإلغاء، ومن هم المشاهير الذين تعرضوا للنبذ؟
تركز هذه الحلقة بشكل كبير على ثقافة الإلغاء، على الرغم من أنه لا يوجد أحد يقتل المشاهير أو المؤثرين أو الشخصيات العامة بسبب أفعالهم الخاطئة، إلا أنه يتم إلغاؤهم، مما يمكن أن يدمر حياتهم المهنية والاجتماعية، وفي حالات سيئة قد يسبب ضررًا لهم. عند صدور هذه الحلقة في عام 2016، كانت ثقافة الإلغاء تكتسب شعبية واليوم لا يُمكِن اختيار وقتٍ أفضل من الآن لصدور هذه الحلقة.
علاوة على ذلك، في جميع أنحاء العالم تتعرض نحل العسل لخطر الانقراض، وإذا اختفى نحل العسل فإن النظام البيئي سيكون مُعَرَّضًا للخَطَر، ونتيجة لذلك، تم تطوير الطائرات بدون طيار لتعزيز جهود التلقيح الطبيعية في نحل العسل، نأمل أنه إذا استدعى الأمر في يوم ما أن لا يتم استخدام هذه الطائرات لأغراض المراقبة والقتل.
الإبتزاز الإلكتروني
تركز حلقة بلاك ميرر هذه على فتى مراهق يتعرض لابتزاز ويُجبر على ارتكاب أفعال غريبة، بعضها حتى جنائية، بعد أن تم اختراق حسابه الشخصي.واختراق كاميرا الكمبيوتر الشخصية للفتى والفيلم المصور له وهو يقوم بأمور غير لائقة مع نفسه، إذا لم يستجب، فإن الابتزاز سيحدث عن طريق تسريب هذا الفيلم.
“Shut Up and Dance” كان في الأساس نافذةً إلى المستقبل فيما يتعلق بالعمليات الاحتيالية عبر الإنترنت، في الوقت الحالي، يستطيع المجرمون الإلكترونيون اختراق كاميرات وأجهزة Alexa ثم استغلال ما يجدونه بطُرُق خبيثة لابتزاز أشخاص أبرياء وخائفين.
اقرأ ايضًا: المرآة السوداء 6: موعد إصدار الموسم والقصة المحتملة
تشمل عمليات الاحتيال المشابهة التي تحدث اليوم استنساخ الصوت للاتصال بأحبائك من شخص يظهر في جهة الاتصال لديك مِن أجل مطالبتهم بدفع فدية لضمان سلامتك. على الرغم من أن هذا المفهوم لم يكن جديدًا عند صدور هذه الحلقة، إلا أنه يُعَتَقَدُ أن هذه الحلقة قد ألهمت بعض المجرمين الإلكترونيين.
الغاء الناس من حياتك
حلقة “White Christmas” من مسلسل Black Mirror تركز على رجلين يعيشان في كوخ نائي ويكشفا لبعضهما البعض بعد أن قضيا معًا خمس سنوات، يفتح جو، قلبه حول كيفية منع زوجته له بعد أن تشاجرا حول حملها. بعد أن رغب في إجراء الإجهاض، قامت زوجته بحظره تمامًا، حرفيًّا. منذ ذلك اليوم فقط، يستطيع رؤية صورة شخصية رمادية لزوجته وبعد ولادة الطفل، تُمتَدُ هذه الصورة المظلِّمَة أيضًا إلى الطفل نفسه. يُزال هذا الحظر فقط بعد وفاة زوجته السابقة في حادث قطار. بالتالي، يستطيع أخيرًا رؤية الطفل الذي كانت صورته مخبأة لسنوات، فقط ليكتشف أن ولادته كانت نتيجة علاقة غرامية. من هناك، تتحول الحلقة إلى جنون.
بفضل وسائل التواصل الاجتماعي، يمكنك حظر الأشخاص تمامًا من حياتك، فلا يرون أي شيء تقوم بنشره، ويمكنك كذلك إسكاتهم بحيث لا تضطر لرؤية مشاركاتهم أيضًا. تقوم تويتر ايضًا وفيس بوك بنفس الفعل تجاه الأشخاص الذين لا تود بأن تصل منشوراتهم للمستخدمين عن طريق حجب الحساب من دون ان يعلم حتى صاحبه بذلك، فكأنك موجود بالنسبة لنفسك فقط.
الروبورت الصديق
“Rachel, Jack, and Ashley Too” تروي قصة فتاة خجولة فقدت والدتها. بدلاً من شراء دمية دب تيدي أو معالج نفسي للتحدث إليه، اشتروا لها “موكسي”، وهو نسخة روبوتية لنجمة البوب أشلي أو (مايلي سايرس). هذا الصديق الروبوت يستمع لها ويشارك بطريقة مناسبة على عكس الدمية التقليدية. المشكلة الوحيدة هي أن “موكسي” يتصل عن طريق الخطأ بجهاز محاصر فيه عقل الشخص الحقيقي أشلي.
كان روبوت قادر على التفاعل ويستجيب منذ زمن، ولكن الآن المطورون أقرب من أي وقت مضى. يحتوي جهاز اليكسا المطروح من قِبَل امازون على قابلية للاستجابة، يُمَكِّنُه من مُتَابَعَتِك حول المنزل والقيام بالمهام.
يُعَدُّ الحادث في هذه الحلقة مخاوف تشغل الكثير من الناس بشأن تطوير الروبوتات: متى ستصبح ذكية أو إن كانت ستصبح ذكية. في حالة راشيل وأشلي، لم يكن الروبوت على دراية ذاتية، وإنما كان متصلاً بعقل شخص حقيقي. عبر تطوير التكنولوجيا المستجيبة للذكاء الاصطناعي، استطاع العلماء جعل البرامج تتذكر وتتكيف وتستجيب تمامًا مثل “موكسي” الأصلية.
عدسات تسجل كل شيء
“The Entire History of You” يدور حول عالم يحمل فيه الناس جهازًا يسمى “grain ” مزروعًا في أجسادهم، ويقوم بتسجيل لقطات من عيونهم وأذانهم. يمكن استخدام هذه التكنولوجيا للتحضير لاختبار كبير أو مراجعة أداء، ولكن الجدل في هذه الحلقة هو أنه يمكن استخدامه للاسترجاع وإعادة تذكر العلاقات بأكملها، بما في ذلك الجوانب المفصلية. تُظَهِر هذه الذكريات ردود فعل قوية ومشاهدتها مثل إعادة عيش تلك المشاعر. يُمَكِّنُ إزالة الجهاز، ولكن في معظم الأحيان عند إزالته قد يؤدي إلى فقدان البصر.
بعد مشاهدة هذه الحلقة، من الواضح أن هذه التكنولوجيا نعمة ولعنة في آن واحد. على الرغم من تحذير “المرآة السوداء”، فإن جوجل يطور نظارات Google لتسجيل رؤية الشخص. هناك أيضًا تطوير جهاز يُسَمَّى Kapture وهو سوار يقوم بالتسجيل باستمرار. حققت سامسونج أقرب للعديد من تنبؤات المرآة السوداء. لديهم تصاميم مبكرة لعدسات لاصقة تعمل بالطريقة نفسها التي تعمل بها العدسات في حلقة بلاك ميرور، مما يزيد الأمور إرباكًا وشدة.
المصدر: نتفليكس
سيتم نشر التعليق فور الموافقة عليه.