ما هي القصة الحقيقية التي ألهمت فيلم الصرخة؟

نُشر في:

تنبيه: قد تحتوي المقالة أدناه على وصف لمشاهد حساسة ومزعجة للبعض.

كانت سلسلة سكريم من أفلام الرعب الكلاسيكية لعقود من الزمن، مع قناع الشبح الأيقوني والشعار المخيف للهيكل العظمي، لكن سلسلة سكريم لها خلفية مظلمة ومزعجة لا يعرفها الكثير من الناس.

كان سفاح غاينيسفيل هو الملهم لقناع الشبح ولكتاب فيلم الصرخة ومؤلفي السيناريو الذين أظهروا جزءًا منه في السلسلة.

قد لا يكون صيته مثل القاتل جيفري دامر أو جون واين جاسي أو تيد بندي، لكن دانيال رولينغ، المعروف بأسم سفاح غاينيسفيل، كان مجنونًا تمامًا، وكان كاتب السيناريو المبتدئ يشاهد برنامجًا على قناة آي بي سي يسمى “نقطة التحول” حول جرائم سفاح غاينيسفيل، مما جعله يدخل في حالة صدمة ألهمته لكتابة سيناريو سيصبح فيما بعد فيلم “الصرخة”.

على الرغم من أن ذلك السفاح لم يكن مراهقًا، ولم يتصل بضحاياه أو يرتدي قناعًا، إلا أنه زرع بذور الخوف في ذهن الكاتب ويليامسون، مما خلق شعورًا بداخله أنه يريد نقل ذلك الشعور على الورق.

من هو سفاح غاينيسفيل؟

كان سفاح غاينيسفيل قاتلًا متسلسلًا أرهب بلدة جامعية في مدينة غاينيسفيل، ولاية فلوريدا، ففي أغسطس من عام 1990، وعلى مدار أربعة أيام، قتل بوحشية خمسة طلاب في شققهم خارج الحرم الجامعي.

كان للقاتل أسلوب مميز يتمثل في قطع رؤوس ضحاياه والاعتداء على أجسادهم، تسببت جرائم القتل في حدوث صدمة في جميع أنحاء البلاد، وسارعت وكالات إنفاذ القانون للقبض على القاتل.

كان اسم القاتل داني رولينغ، وهو رجل مضطرب له ماض مظلم، نشأ داني في منزل محطم مع أب مسيء وأم كانت غير مستقرة عقليًا.

كان لديه تاريخ من السلوك العنيف، بما في ذلك الشروع في القتل، وأمضى بعض الوقت في السجن، كان داني مولعًا بأفلام الرعب، وخلال فترة وجوده في السجن شاهد فيلم “Friday the 13th” مرارًا وتكرارًا.

فورة قتل أرهبت الجميع

في منتصف ليل 24 أغسطس 1990، أقتحم رولينغ شقة في فلوريدا حيث كانت تنام طالبات من الكلية، رأى كريستينا باول التي كانت نائمة على أريكة غرفة المعيشة، لكنه قرر عدم مهاجمتها، بدلاً من ذلك، صعد الطابق العلوي إلى غرفة نوم سونيا لارسون، أيقظها، وكتم فمها بشريط لمنع كريستينا من سماع صراخها، وقتلها بأداة حادة.

ثم عاد إلى الطابق السفلي، اعتدى على باول، وقتلها أيضًا، قبل أن يغادر، ذهب وإستحم في حمامهم، تاركًا وراءه مشهدًا مروّعًا.

في الليلة التالية، اقتحم رولينغ شقة كريستا هويت، حيث انتظر بصبر بمفرده حتى عادت إلى المنزل في صباح اليوم التالي، ثم قام بتقييدها والاعتداء عليها، قبل طعنها حتى الموت وقطع رأسها، وكما فعل في الجريمة السابقة، رتب جثتها لتتخذ وضعًا تمثيليًا لتجدها الشرطة على ذلك النحو.

تركت هذه الجرائم المروعة المجتمع في حالة من الصدمة، وذكرتهم بأفعال تيد بندي وقتله للعديد من طلاب الجامعات في فلوريدا في عام 1978، ومع ذلك، لم ينته رولينغ.

فبعد يومين فقط، اقتحم شقة أخرى، وهذه المرة هاجم رجلاً يدعى ماني تابودا، قتل رولينغ تابودا في غرفة نومه، ثم طارد زميلته في الغرفة، تريسي بول، التي كانت في غرفة أخرى حينما سمعت شجارهما، ركضت إلى غرفتها، حيث هاجمها رولينغ أيضًا، وعلى الرغم من أن تريسي تمكنت من الفرار للحظات إلى غرفتها الخاصة وقفل الباب، إلا أن رولينغ كسرها وطعنها حتى الموت، تمامًا كما هو الحال مع ضحاياه الأخريات، جعل جثة تريسي تتخذ وضعية معينة لكنه لم يفعل ذلك مع تابودا، مما يشير إلى نيته في استهداف الضحايا من الإناث ولم يكن يتوقع وجود تابودا في المكان.

جرائم قبل فلوريدا

بعد ذلك، توقف رولينغ عن أفعاله وظل في حالة سبات لعدة أشهر، كان من الممكن له أن يظل على هذا النحو لبقية أيامه أو ينتظر لحظة مناسبة ليهجم مرة أخرى.

لكن أودت به افعاله الى الهلاك، حيث تم الكشف عن أن طلاب الجامعة الخمسة في فلوريدا لم يكونوا أول ضحاياه، ففي العام السابق، في عام 1989، كان قد ارتكب جريمة قتل، أودت بحياة أسرة مكونة من ثلاثة أفراد في مدينة شريفبورت، ولاية لويزيانا.

حيث اقتحم منزلهم وأنهى حياة توم جريسوم وابنته جولي وحفيده الصغير شون البالغ من العمر 8 أعوام، على غرار عمليات القتل السابقة، ترك جثث الذكور كما هي ومثل بجثة جولي، أدرك المحققون أوجه التشابه بين الجريمتين واعتقدوا أنهما لنفس الشخص الذي يقف وراءهما، في حين أن هذا ساعدهم في سعيهم، إلا أنه لم يحدد من الجاني، كان الدليل الوحيد هو دم القاتل، الذي كان نوعه من فصيلة B.

عم الصمت لفترة، لكن رولينغ ارتكب خطأً فادحًا، كما ارتكبه عدد لا يحصى من القتلة قبله، لم يستطع السيطرة على نفسه وإبقاء فمه مغلقًا، فأثناء وجوده في مدينة شريفبورت، أصبح الزوجان المسيحيان، سيندي جوراسيش وستيف دوبين، صديقا لرولينغ في الكنيسة، حتى أنهما رحبا به في منزلهم في مناسبات متعددة، لكن سرعان ما أدركوا أنه كان لديه عقل مريض يجب الهرب منه.

في مقابلة عام 2021 مع “إي بي سي نيوز” روت جوراسيش علاقتها وزوجها مع رولينغ، قائلة: “كان يزورنا كل ليلة تقريبًا، ثم في إحدى الليالي، قال لي زوجي ستيفن، يجب أن نتوقف عن مقابلته، إذ صرح له رولينغ بإنه يستمتع طعن الناس بالسكاكين “.

كانت جرائم القتل في مدينة شريفبورت قد حدثت بالفعل في تلك المرحلة، لكن جوراسيش تجاهلت ملاحظة زوجها، وعندما انتشرت الأخبار في جميع أنحاء البلاد بأن السلطات اشتبهت في أن الجريمتين ارتكبهما نفس الشخص، جعلها ذلك تتذكر شيئًا قاله رولينغ يومًا، حيث قال: “ذات يوم، سأغادر هذه المدينة، وسأذهب حيث تكون السيدات جميلات، والإستلقاء في الشمس ومراقبة النساء الجميلات طوال اليوم” في إشارته الى ولاية فلوريدا، مما دفع جوراسيش إلى الإتصال ببرنامج الكشف عن الجرائم وإبلاغهم بإنها تشتبه برولينغ.

جاء إتصالها في الوقت المثالي، وليس لأنها أنقذت ضحايا اخرين محتملين فحسب، بل ربما أنقذت أيضًا حياة رجل من فلوريدا يدعى إدوارد لويس همفري، تم اعتقاله بتهمة الاعتداء على جدته وأصبح حينها المشتبه به الرئيسي في جرائم القتل في غينزفيل.

القبض على رولينغ

بعد مرور بعض الوقت، تمكّن المحققون من تحديد مكان رولينغ بسهولة نسبية، حيث إنه كان مسجونًا في منشأة في أوكالا، فلوريدا لتورطه في سرقة محل بقالة قبل بضعة أشهر، وربطت الشرطة بين توقف الجرائم وبين بعض السرقات المتفرقة، وبدأ المحققون بفحص مجموعة من الأدلة، بما في ذلك الأشرطة والأدوات المستخدمة في السرقات، والتي تبين لاحقًا أنها تتطابق مع العناصر المستخدمة في جرائم القتل، علاوة على ذلك، كان لدى رولينغ دم من فصيلة B، ولغبائه ايضًا، فقد وجدوا مذكراته التي وصف فيها أفعاله البشعة.

تم القبض عليه ثم قدم للمحاكمة، وخلال محاكمته، اكتشفوا أن رولينغ قد تعرض لسوء معاملة شديد ومستمرة على يد والده، وقد يلقي هذا بعض الضوء على السبب الجذري لتشوهاته، إلا أنه لم يكن كافياً لتبرئته من جرائمه، نتيجة لذلك، تم الحكم على دانيال رولينغ مذنبًا وبعقوبة بالإعدام، والذي تم تنفيذها في 25 أكتوبر من عام 2006.

من أين جاءت فكرة قناع وجه الشبح في فيلم الصرخة؟

تم تصميم القناع بواسطة بريجيت سليرتين من شركة “فان وورلد” والتي لم تكن لديها أي فكرة عن جرائم رولينغ في ذلك الوقت، وبعد أن اصبح القناع شائعًا في المتاجر، رأى ويس كرافان، مخرج أول افلام الصرخة، القناع في إحدى متاجر مستلزمات عيد الهالووين، وعرف على الفور أنه مثالي لفيلمه، وأصبح قناع وجه الشبح فيما بعد أحد الرموز الأكثر شهرة لأفلام الرعب.

كانت جرائم سفاح غاينيسفيل واحدة من أكثر الجرائم المروعة في التاريخ الأمريكي، وتركت تأثيرًا دائمًا على الناس في المدينة، وبثت جرائم القتل الخوف والبارانويا في المدينة، مما أدى إلى انسحاب العديد من الطلاب من جامعة فلوريدا نتيجة لذلك.

إنه تذكير بأن الحقيقة يمكن أن تكون أغرب وأكثر رعبا من الخيال، ألهمت جرائم القتل الوحشية التي ارتكبها داني رولينغ سلسلة Scream وقناع وجه الشبح، اللذين أصبحا رموزًا مميزة لتصنيفات الرعب في الثقافة الشعبية، لكن من المهم تذكر مأساة الحياة الواقعية وراء تلك الأحداث وتأثيرها على مجتمع تلك المدينة، فقد كانت عملاً عنيفًا لا معنى له أودى بحياة خمسة طلاب أبرياء، ولا ينبغي أن تطغى سلسلة أفلام الرعب الخيالية على ذكراهم.

المصدر: ويكيبيديا، دايلي ميل

سيتم نشر التعليق فور الموافقة عليه.

شاركنا رأيك